قال الله تعالي في سورة البقرة "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها
لكبيرة إلا علي الخاشعين "
والصبر هنا تعني الصبر علي الأخذ بالأسباب المادية والوسائل الدنيوية
لتحقيق الغاية الأخروية من كل فعل وهي رضا الله عزوجل وجنته _علي مستوي الأفراد_ والغاية
الدنيوية المطلوبة وهي عزة الإسلام والمسلمين _علي مستوي الجماعة_، والصلاة لغة
تعني الدعاء بمعني الإستعانة بالدعاء أو صلاة الحاجة أو صلاة الإستخارة أوغيرها
من السنن المشروعة المؤكدة عن النبي (صلي الله عليه وسلم) التي نطلب فيها عونه _سبحانه وتعالي_ علي أمور الدنيا .
لكنني أحب أن أؤكد علي امرين : أولهما أن الصبر قُدّم في الآية علي الصلاة بمعني
أن الأخذ بالأسباب مع استحضار وجود الله في قلبك أولي من الدعاء وطلب العون من الله
وترك الأسباب أو التقصير فيها ( فلو سقط كافر ومؤمن في الماء فإن الذي سينجو
بالطبع من يجيد السباحة وليس من يدعو الله عزوجل أكثر بالنجاة ) ، كذلك الأمر في
الجامعة والدراسة وتحصيل الشهادات العلمية فإن الأمة أو الشخص الذي يحسن طلب العلم
وتحصيله ويأخذ في سبيل ذلك الطرق المثلي والوسائل الفضلي في طرق التدريس والمذاكرة
سيكون له السبق في هذا المجال ولا شك في ذلك فالواقع يؤيد هذا الكلام وهذه سنة
الله في الكون "ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا "
وإذا أردنا أن نخدم ديننا حقا فليبحث كل منا عما يجيده ويحسنه ليخدم
فيه الإسلام ويسدّ هذا الثغر، فثغورنا صارت كثيرة والعدو يعترينا من كل جانب وأصبحنا
هلافيت الزمان بعد أن كنا أسياده وصرنا كــمن "تخطفه الطير أو تهوي به الريح
في مكان سحيق" وليس لنا بعد الإستعانة بالله وطلب العون والمساعدة منه إلا أن نعتمد علي أنفسنا ونأخذ بكل الأسباب الممكنة وغير الممكنة فلا نترك شيئاً إلا تعلمناه وفعلناه في هذه الدنيا وهذا بمنزلة فروض الكفاية في الأمة "وما كان المؤمنين لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في
الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون" التوبة
وإذا نظرنا إلي آية الأنفال "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن
رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم
" نجد الله عزوجل يحثنا فيها علي الإعداد القوي الفعال لكل وسيلة تساعدنا _نحن
معشر المؤمنين_ علي إرهاب عدونا وإخافته فنأخذ بها ولا نقصّر فيها وكما هو معلوم
أن "القرآن يعبر عن معانيه بعموم اللفظ لا بخصوص السبب" فعبر ربنا برباط
الخيل لأنها كانت وسيلة العصر ونحن في زماننا الآن علينا أن نضع مكان رباط الخيل كل وسيلة ممكنة
وكل علمٍ يساعدنا علي استعادة مكانتنا في هذا العالم وتحقيق عزة للمسلمين
(الطب – الإقتصاد –البرمجة – السياسة - السلاح - ...إلخ).
والأخذ بالأسباب هو الحدّ الفاصل بين التوكل والتواكل فالقارئ لسيرة
النبي صلي الله عليه وسلم يجد أنه دائماً ما كان يأخذ بالأسباب في كل موقف وكل
غزوة وكل حادثة في حياته وعلي سبيل المثال لا الحصر أذكر :
- 1. أخذه طريقاً غير الطريق المعروفة أثناء الهجرة واستعانته بدليل يعرف طرق الصحراء ومكوثه في غار ثور 3 أيام بين مكة والمدينة تضليلاً للمشركين
- 2. حفره الخندق مع أصحابه في غزوة الأحزاب حماية للمدينة من المشركين ولم يترك الأمر هزلاً علي سبيل التوكل.
- 3. تعيينه لـــ ثلاثة قادة من الصحابة في غزوة مؤتة حتي إذا ما قُتل أحدهم يتولي الآخر قيادة الجيش.
.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق