عقّب ربنا جل وعلا علي القصة بأن أمر النبي أن يتلو ما أوحاه إليه من
القرآن فالله عزوجل كلامه ثابت لا يتغير وسننه في الكون ثابتة لا تتغير ولا يوجد
في الكون من يمكنه تغيير كلمات الله أو سننة في عباده سواء أكان شخصاً أم شيئاً
مهما عظمت وعلت قوته ، ويخبر ربنا نبيه أنه لا ملجأ له ولا ملاذ يلوذ به سوي خالقه
ومصطفيه ومولاه فلا جناح غير جناح الله ينفع ولا جانب غير جانب الله يفوز
(الصحبة الصالحة 28) : ويأمر ربنا نبيه أن يصبر نفسه مع الصحبة الصالحة والأخوة المؤمنة
بالله من الصحابة الكرام (رضوان الله عليهم جميعاً) فهؤلاء هم من يصلون ويذكرون
الله وقت شروق الشمس أول اليوم ووقت الغروب أول الليل ، بل يدعوه ألا يبعد مجرد طرفه ونظره عنهم طلباً لدنيا أو انشغالا بها والمعني يتمّه بعكسه وهو أن يترك المشركين
ولا يطعهم في امر من الأمور فهؤلاء حالهم عكس حال المؤمنين تماماً قلوبهم غافلة عن ذكر
الله ، متبعين لهواهم لا لأوامر الله ، فصار أمرهم كالعقد المفروط غير المعقود.
(الحرية الكاملة 29) : ويخبرنا الله بأن الحق من عنده وحده وهو مصدره دائما علي كل حال وأن
دينه حق وقرآنه حق والقيامة حق والحساب حق والجنة حق والنار حق ، وهو بعد أن يعلمنا بهذا يترك لعباده "الحرية التامة في اختيار العقيدة والإيمان بالله أو الكفر به وهذا من
أعظم الأمور في ديننا" _وإن كان الدين كله عظيماً_ ، لكن الله من لطفه وودّه بعباده أن أخبربما أعدّه للكافرين والمشركين "عبر عنها بالظالمين في
الآية" من نارٍ يحيط بهم سورها ، ولما يستغيثوا من شدة حرها تغيثهم الملائكة بماء
كالزيت العكر يشوي وجوهم من شدة حرارته فبئس الشراب هو وبئس النار مستقراً ومنزلاً !!
(سنة كونية 30) : "إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات إنا لا
نضيع أجر من أحسن عملا" ، وهي والله
من أجمل آي القرآن وكل آياته جميلة وهي لا تحتاج إلي شرح أو تفسير ولكن عليها من
الخواطر والمواعظ الكثير ، فالله يقول بأنه لا يضيع أجر المؤمنين المصلحين أبداً إن
لم يكن في الدنيا ففي الآخرة ، بل يشهد حالنا بإن الله عزوجل يكافئ من يحسن العمل ويتقن الأسباب في
الدنيا سواء أكان مؤمناً أم كافراً فما بالك بمن ءامن به وعمل صالحاً فنفع خلقه وآثر رضاه ومحبته علي هواه ؟
ويمنّي ربنا عزوجل المؤمنين المصلحين ويحفزهم ويرفع آمالهم ويخبرهم أنه أعد
لهم جنات عدن تجري أنهار الجنة من تحتهم فيها وهم فوقها وما أروعه وما أجمله من منظر! ،
ويلبسون فيها ملابساً خضراء من الحرير والديباج ولهم سرائر تطير بهم في الجنة يتكئون
عليهم ويسترخون ويستمتعون بالنعيم هناك ، ونعم هو والله ثواب العاملين لدين الله
وما أحسن الجنة مستقرا ومنزلا !!!(وجنات عدن هي والله الحاضرة الغائبة فوصفها ربنا في
القرآن كثير ووصفها النبي في أحاديثه كثيرة ولكن يبقي في الأخير أنها تحوي ما لم
نري ولما نسمع به من قبل فهي الحاضرة في القلوب والأذهان الغائبة عن الأسماع
والأبصار ، سبحانه الكريم هو علي كل شيئ قدير) .
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق