Test Footer 2


قصة أصحاب الكهف (مُفصّلة)

وحكي ربنا عزوجل القصة مفصلة بأحداثها في 14 آية (من الآية 13 _ 26) : 

فبدأ القصة بالتأكيد علي أنه يقص علينا قصة أصحاب الكهف "بالحق"_وهي كلمة تؤثر في النفس عظيم التأثير والله لأن ربنا أصدق القائلين لا يحتاج إلي تأكيد كلامه ومع ذلك يؤكد لأنه يخاطبنا علي قدر عقولنا وأفهامنا_ وبدأ ربنا عزوجل الحكاية بوصف هؤلاء الشباب بأنهم فتية ءامنوا بالله عزوجل فزادهم الله هدي نتيجة لإيمانهم وهكذا يكون كرم الله للمؤمنين دوماً لما يختاروا طريقه.

وبين سبحانه أنه ثبتهم علي دينه وربط علي قلوبهم لئلا يفتنهم قومهم الكافرون وأنهم أقروا بإيمانهم بقولهم أن الله ربهم هو خالق السماوات والأرض لا ينبغي لهم أن يعبدوا غيره أو يتخذه غيره إلها وإلا كان ذلك شططا منهم وكذبا وافتراءا وبعداً عن الحق .
ثم شرحوا أسباب تركهم لقومهم واختباءهم في الكهف بأن قومهم أشركوا بالله وعبدوا غيره فاتخذوا آلهة يعبدونها ليس لديهم دليل واضح علي أنها آلهة من دون الله تشارك في الخلق أو الرزق أو حتي النفع لهم ، وليس أضل ولا اظلم ممن يدعي علي الله ما ليس له سبحانه وحاشاه أن يكون معه شريك أو شبيه أو ولد.

ثم يقول لهم الله عزوجل أنكم لما اعتزلتم قومكم وتركتموهم علي كفرهم بالله وعبادة غيره فالجأوا إلي الكهف يحيطكم ربكم فيه برحمته وعنايته ويهيئ لكم فيه مكانا للعيش برغم صعوبة العيش في الكهوف.

ثم يصف ربنا حالهم في الكهف وهم نائمون خلال هذه المدة الطويلة (300 عام) فيخبرنا أن الشمس كانت تبعد وتميل عن فتحة الدخول للكهف من جهة اليمين ومن جهة الشمال بحيث تحقق لهم فوائد حرارتها ودفئها ولا يصيبهم حرها أو ضررها ثم يعقّب الله عزوجل بأن هذه النعمة وهي حفظهم أثناء نومهم من آيات وعجائب وقدرات الله ويؤكد لنا أن الهداية بيد الله وحده فإنه من يطلب الهداية والعون من الله يهديه ومن يطلبها من غير الله يضل طريقه ثم لا يجد له نصيراً ولا هاديا ولا مرشدا .. ويقول الله أنهم كانوا في منظر مخيف لمن ينظر إليهم وذلك حتي يحفظهم الله طوال هذه المدة .. وذكر ربنا ثلاثة مشاهد لهم في اكهف :
1. يبدو مظهرهم للناظر أنهم يقظون وليسوا نائمين
2. يقلّبهم ربنا عزوجل علي جنوبهم يمينا ويسارا حفظاً لأجسادهم طوال هذه المدة الطويلة
3.كلبهم نائم بجوارهم يمد ذراعيه في فناء الكهف ومدخله كأنه يحرسهم

الآياتان (19) و (20) .. يقصّ علينا ربنا خبرهم لما قاموا فإن هؤلاء الشباب لما بعثهم الله من رقدتهم الطويلة  لثلاثمائة عام تساءلوا فيما بينهم عن مدة نومهم فكل شئ حولهم كما هو لم يتغير داخل الكهف لكن الأمر تغير كليا خارجه في قريتهم التي كانوا يعيشون بها قبل نومهم ..ردّ أحدهم علي السائل قائلا "ربما نمنا يوماً أو بعض يوم" وردّ آخر بأن الله وحده هو الذي يعلم مدة نومهم فلا تشغلوا أنفسكم بذلك وأرسلوا من يأخذ هذا المال "ورقكم هذه" ويذهب إلي المدينة يشتري لنا بعض الطعام الطيب الحلال والأفضل ويأتنا ببعض منه ، وليحذر في طريقه قومنا الكافرين من الإيقاع به ، وليحرص علي ألا يشعر به أحد .. فإنهم لو أوقعوا بنا لقتلونا بالرجم _ويبدو أنها كانت طريقة القتل وقتها عندهم_ أو عذبونا حتي نترك ديننا ونشرك بالله مثلهم ولن نفلح بذلك ولن نحقق شيئا مما نرجوه .

ويذكر ربنا عزوجل أنه جعل أهل القرية  يعثرون عليهم بعدها وهم نائمون في الكهف ليثبت لهم أمرين _لا شك فيهما_
أحدهما 1. أن وعد الله حق دائما وأبداً سواء أكان عده بنصر المؤمنين أم وعده بإحياء الموتي وبعثهم للحساب وقد تحقق في القصة الوعدين .. والآخر 2.أن الساعة (يوم القيامة) وما فيه من مشاهد وأهوال لا ريب فيها ولا شك .

فلما اختلف أهل القرية في أمر هؤلاء الفتية الذين ناموا 300 عام ثم بعثوا ثم عادوا فناموا من جديد ولم يدروا ما يصنعون اختاروا أسهل الحلول وأخفها وأقلها ضررا عليهم وهي أن يبنوا عليهم بناء يسدّوا به مدخل الكهف والفتية بداخله نائمون ، واتخذ بعض الناس الذين غلبهم الشيطان علي أمرهم هذا المكان مسجداً ومقاماً لهم للعبادة.

ثم أخبر ربنا عزوجل عبده ونبينا محمد (صلي الله عليه وسلم) باختلاف أحبار اليهود في عدد هؤلاء الشباب _وهم من كانوا قد سألوا النبي عن خبر هؤلاء الفتية قبل نزول سورة الكهف_ فبعضهم يقول عددهم ثلاثة والكلب رابعهم ، وبعضهم يقول بل خمسة والكلب سادسهم وكلهم يتحدث عن الغيب بلا علم منه ولا خبر ولا مشاهدة وبعضهم يقول سبعة والكلب ثامنهم _وهذا ما رجّحه بعض العلماء_ لكن الله امر نبيه بأن يقول أن الله هو أعلم بعددهم وأعلم بمدة نومهم ونهاه عن الجدل مع اليهود في شأنهم أو حتي مجرد سؤالهم عن شئ من قصتهم .

ثم يعلم ربنا نبيه وهو قدوتنا ألا يقول لشئ في المستقبل ينوي فعله مجرد أنه سنفعل ، ولكن يقدم مشيئة الله عزوجل أو يؤخرها قبل إعطاء الوعود والعهود ، ويحث ربنا النبي (صلي الله عليه وسلم) علي ذكره الدائم والمستمر خاصة إذا نسي ذلك لمدة فمجرد تذكره عليه أن يذكر الله والنبي قدوتنا كما قلنا فهذا الكلام لنا أيضاً .
ويختم الله عزوجل قصتهم بإخبارنا مدة مكوثهم في الكهف نائمين وهي 300 عام ميلادية و 309 عام قمرية ، وفي الأخير الله عزوجل وحده أعلم بمدة نومهم فهو سبحانه علام الغيوب يعلم ما في السماوات والأرض.


** لقراءة الدروس والعبر من القصة تابع هنا : 



لا تنسى دعمنا بلايك إن أفادك الموضوع و شكرا

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق